العزم في الدعاء

آدابه صلى الله عليه وسلم في الدعاء – الجزء الثالث





كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرشد الداعي إلى العزم
والجزم بوقوع مطلوبه، فعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: «لا يقل أحدكم إذا دعا: اللهم اغفر لي إن شئت، اللهم
ارحمني إن شئت، ولكن ليعزم المسألة، فإن الله لا مكره له»

وإنما نهى عن ذلك لأن التعليق بالمشيئة إنما يحتاج إليه، إذا
تأتى إكراه المطلوب منه، وأمكن أن يكره على تحقيق المطلوب، وإن الله هو
منزه عن أن يكره على أمر، أو أن يفعل كرها، وإنما يفعل جميع ما يفعل
بمشيئته وإرادته سبحانه، ولا مكره له سبحانه.

ومعنى العزم أن يحسن الظن بالله تعالى في الإجابة، فغنه إنما
يدعو كريما.



وكان عليه السلاة والسلام يرشد الداعي إلى ختم دعائه
بالتأمين؛ لتحصل الإجابة:

روى أبو داود عن أبي زهير النميري قال: خرجنا مع رسول الله
صلى الله عليه وسلم ذات ليلة نمشي، فأتينا على رجل قد ألح في المسألة فوقف
النبي صلى الله عليه وسلم يستمع منه.

فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أوجب إن ختمه»

فقال رجل من القوم: بأي شيئٍ يختمه؟

فقال: «بآمين، فإنه إن ختمه بآمين فقد أوجب»

فانصرف الرجل الذي سأل النبي صلى الله عليه وسلم فأتى الرجل –
الذي ألح في المسألة – فقال – له – :اختم يافلان بآمين وأبشر.



وكان عليه الصلاة والسلام يرشد الداعي إلى أن يوقن
بالإجابة، وأن يدعو عن قلب شاهد، لا عن قلب غافل:

ففي مسند الإمام أحمد عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، أن
النبي صلى الله عليه وسلم قال: «القلوب أوعية، وبعضها أوعى من
بعض، فإذا سألتم الله عز وجل يا أيها الناس، فاسألوه وأنتم موقنون
بالإجابة، فإن الله لا يستجيب لعبد دعاه عن ظهر قلب غافل»



وكان عليه الصلاة والسلام يستحب الجوامع من الدعاء ويدع
ما سوى ذلك

والمراد بجوامع الدعاء: ماجمع ما وَجازته خيري الدنيا
والآخرة، نحو { ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة، وقنا
عذاب النار } [البقرة:201].

وهو محمول على أغلب الأحوال لا كلها، قال الحافظ المنذري: كان
صلى الله عليه وسلم يجمع في الدعاء تارةً، ويفصل فيه أخرى.